غذاؤك صحتك وشخصيتك

غذاؤك صحتك وشخصيتك

غذاؤك صحتك وشخصيتك

ان العلماء اليوم قد اجمعوا على أن أهمية الغذاء لا تقتصر على بناء الأجسام ونموها، والوقاية من الأمراض وعلاجها فحسب، بل وفي تأثيرها الفاعل والمباشر، على عادات الناس وطباعهم، ورسم معالم شخصيتهم ومزاجهم، وقدراتهم على التفكير والإبداع.

كان انه قد قال احد الحكماء في هذا الصدد:

  • "أنت ما تأكل، وما تأكل هو أنت"، وهذا يعني أن الإنسان - روحًا وجسدًا - هو انعكاس لنوع طعامه .

ما هو الغذاء؟

  • قد توصل مختصوء التغذية مؤخرا إلى تعريف مختصر ومعقول للغذاء، مفاده: أن الغذاء هو كل مادة تحتوي على عناصر ومركبات يحتاجها الجسم للنمو، وتجديد الخلايا والأنسجة التالفة، وهو إحدى الوسائل المهمة التي تُدخِل المسرة والبهجة إلى القلوب، وتمَتع النفوس، وتشبع أهم غرائز الإنسان؛ ولهذا ينبغي أن يكون الغذاء مفيدا ونافعا للجسم، ونظيفا وآمنا، ومثيرا للشهية.

آلية تأثير الغذاء على المزاج

  • انه من المعروف أن الحيوانات آكلة العشب، تتسم بالوداعة والهدوء، بينما تتميز آكلات اللحوم بالشراسة، وحدة الطبع، فهل ينطبق هذا على الإنسان؟ وإلى أي مدى؟ لقد أكدت الأبحاث والدراسات أن نشاط الإنسان وحالته النفسية، يعتمد إلى حد كبير على نوع الطعام الذي يتناوله، فلنوع الطعام أثر في إحساس المرء بالثقة في النفس، وبالشجاعة والاندفاع، أو في الفتور والخوف والقلق.
  • كما وقد أحدث هذا الاكتشاف انقلابًا في المفاهيم السائدة، فبعد أن كان المريض الذي يعاني من الكآبة والاضطرابات النفسية، يراجع الطبيب النفسي طلبًا للعلاج، أصبح بمقدوره اليوم استشارة ومراجعة مختص التغذية، أو المختص في الكيمياء الحيوية؛ ليصف له طعامًا خاصًّا، أو يمنعه عن تناول طعام آخر؛ فقد تبين أن الأشخاص الذين يعانون من انفصام في شخصيتهم يحتاجون إلى معدن الزنك وبعض الفيتامينات، لاسيما فيتامين (ج) الذي يُنشِّط خلايا الدماغ، ويَحُثُّها على إفراز مادة الإندروفين وغيرها، التي تؤدي بدورها إلى الشعور بالارتياح النفسي، ويؤكد المختصون أن سبب تقصير بعض الطلاب في دروسهم، وشعورهم بالكآبة، يعود أساسًا إلى اضطراب العمليات الفسيولوجية الناتجة عن سوء التغذية، وتقول الباحثة بوني سيرنج بعد الانتهاء من تجارِبها حول هذا الموضوع: لم أكن أتوقع أن وجبة من الطعام سيكون لها كل هذا التأثير على سلوك الإنسان؛ وذلك لأن الباحثة المذكورة أعطت مجموعة من المتطوعين إفطارًا غنيا بالبروتينات الحيوانية (لحوم، بيض، ...) وأعطت مجموعة أخرى إفطًارا غنيًّا بالكربوهيدرات (أرز، بطاطا، خبز ...)، ثم أخضعت المجموعتين لسلسلة من الاختبارات المتعلقة بالتذكر، والقدرة على التركيز والفهم، فكانت إجابات المجموعة الأولى التي تناولت البروتينات تتميز بحسن الأداء، والكفاءة العالية، أما المجموعة الثانية التي تناولت الكربوهيدرات فكانت نتائجها متدنية، وقد فسرت الباحثة ذلك على أساس وجود حمض أميني في البروتينات، يعمل على تنبيه خلايا الدماغ، ويزيد من إفرازات الغدة الكظرية التي تحفز الجسم، وتنشط الجهاز الدوري، وتُوقِظ الخلايا العصبية؛ ولهذا السبب نجد الأطباء ينصحون الأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين بتناول الأغذية الغنية بالبروتين؛ من أجل الاحتفاظ بحيويتهم ونشاطهم الذهني، ولأسباب أخرى تتعلق بالهضم، وبزحف الشيخوخة، إن ما سبق ذكره عن أهمية البروتين في حفظ الحيوية والنشاط، لا يعني الاستغناء عن المواد الكربوهيدراتية التي تفيد في تزويد الجسم بالطاقة، وتساعد على هضم وامتصاص البروتينات، وتحييد السموم الناتجة عن عملية استقلابها، والأهم من ذلك هو احتواؤُها على حمض أميني يسمَّى التربتوفان، الذي يشكل وحدة بنائية للسيروتينين بمساعدة هرمون الأنسولين، وهذا الهرمون لا ينطلق إلا بوجود المواد الكربوهيدراتية.
  • حيث انه وفيما يخص تأثير الأغذية الغنية بأنواع معينة من الفيتامينات على القدرات العقلية، والحالة المزاجية للإنسان، فقد أُجْرِيَت عدة أبحاث تناولت مجموعة فيتامين (ب)، لا سيما فيتامين (ب1) المسمى بالثيامين، ومدى تأثيره على المزاج والقدرة على التعلم، وتتلخَّص إحدى هذه التجارب في إعطاء فريقين من طلاب المدارس الذين يتمتعون بصفات مشتركة (من حيث العمر، والوزن، والجنس، والإمكانات الذهنية) كمية غذاء متساوية ومتشابهة، ووفرت لهم ظروفًا دراسية ومعيشية متشابهة أيضًا، وبعد فترة من تطبيق التجانس في الغذاء والعوامل الأخرى، قدَّمت للفريقين أقراصًا في فيتامين (ب1) قبل النوم، وكانت حبوب الفريق الأول مزيفة (Placebo) لا تحتوي على فيتامين (ب1)، أما حبوب الفريق الثاني فكانت حقيقية، وبعد مدة معينة أُجْرِيَت للفريقين اختبارات مختلفة، تتعلق بالحالة المزاجية وبالقدرة على إجراء العمليات الحسابية، والرسم، والقراءة والمحفوظات، وكانت تُسجل درجاتهم بدقة من قِبَل لجان مختصة، وبعد خمسة أيام من هذه الاختبارات ظهر فرقٌ ملحوظ بين الفريقين، واستمر هذا الفَرق حتى نهاية التجرِبة التي استمرت ستة أسابيع، وكانت النتيجة أن حقق الفريق الثاني تفوقًا في مختلف المجالات بمقدار سبع وعشرين مرة على الفريق الأول، وقد أُجْرِيَت فيما بعدُ عدة تجارِب وأبحاث موسعة، أكدت جميعها أن التوقد الذهني، والقدرة على التحصيل، والحالة النفسية، تتأثر بفيتامين (ب1).
  • كما انه في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن تناوُل الحلويات الصناعية بكثرة يؤدي إلى استنفاد فيتامين (ب1) الموجود في الجسم؛ ذلك لأن عملية تحويل السكريات المركبة إلى سكريات بسيطة تستفيد منها خلايا الجسم، تحتاج إلى كمية كبيرة من الأنسولين وفيتامين (ب1) مما يَزيد حاجة الجسم لهذا الفيتامين، وبناءً على ذلك يجب الإقلال من تناول الحلويات الصناعية، والاستعاضة عنها بالعسل، أو بالثمار الحلوة، مثل: التمر، والزبيب، والعسل.

الغذاء الصحي

  • وقد وجد في دراسات أخرى بينت أن 79% من مرضى الاكتئاب يعانون من نقص حاد في فيتامين (ب6، ب12)، كما كشفت دراسات متفرقة عن الدور الكبير لفيتامين (هـ) المتوافر في الزيوت النباتية والمكسرات؛ حيث يدخل هذا الفيتامين في بِنية أغشية الخلايا العصبية، ويمنع تصلُّب الشرايين، وتراكم الكولسترول منخفض الكثافة (LDL) على جدران الأوعية الدموية.



شارك برأيك

واتس اب البطريق الذهبي